قريباً من هايدغر
قريباً من هايدغر
ترجمة : حسونة مصباحي
ذات مرة، وأنا في ميونيخ حيث كنت أقيم، وقع بين يدي نصّ يتحدث فيه هايدغر عن أسباب رفضه الإقامة في المدن الكبيرة، مفضلاً العيش في عزلة في كوخ خشبي في قلب «الغابة السوداء» التي تجسد في نظره الروحَ الجوهريةَ لوجوده ولموطنه. ويتحدث في نص آخر عن الجولات التي يقوم بها في المسالك الريفية، وسط المروج والحقول، مفكّراً ومتأملاً، مشيراً إلى أن عمله كفيلسوف لا يختلف كثيراً عن عمل المزارع في حرث الأرض، أو في زرعها. بعدها قرأت النصوص التي خصَّصَها هايدغر لشعراء كبار من أمثال هولدرلين، ريلكه، وغيورغ تراكل. وقد ساعدتني هذه النصوص على إدراك البعض من ملامح هايدغر وفلسفته الوجودية. كما أضاءت لي النصوص التي كتبها عنه هابرماس، وهانا آراندت، وغي باسيت جوانب أخرى تتناول صلة هايدغر بالنازية، ومفهومه للشعر، وعلاقته بفلاسفة الإغريق. أما الحوار الذي أجرته معه مجلة دير شبيغل، وبطلب منه، فلم ينشر إلاّ بعد وفاته. لم يقتصر هايدغرفي هذا الحوار على توضيح مواقفه بشأن النازية، وإنما تعدى ذلك ليشمل ما يعيشه عالمنا من مخاطر ومخاوف في عصر هيمنة التقنية وسيطرتها على مفاصل حياتنا اليومية... لذا ارتأيت جمع وترجمة هذه النصوص، بالإضافة إلى مختارات من الرسائل، لعل ذلك يساعد أحباء الفلسفة في عالمنا العربي على الاقتراب أكثر من صاحب الكينونة والزمن.