مزايا العقل الحساس : دفاعاً عن سوسيولوجيا تفاعلية

ميشيل مافيزولي

ترجمة وتقديم : عبد الله زارو

افريقيا الشرق

إننا إزاء مرافعة مستميتة هدفها الأخير هو تجاوز هذه الثوابت المتحدرة من حقبة الحداثة كما أنها دعوة إلى التفكير في بدائل لها مقترحة من قبيب العقل الموصول والمنطق الداخلي للأشياء والنزوع الإجتماعي الحيوي والشكلانية والظواهرية والتجربة بنوعيها الخصيبين والمتجددين : الحس المشترك والمعيش .

مافيزولي يدعو ، هنا ،إلى أخلاقيات مهنة جديدة في حقل العلوم الإنسانية ، وبالأخص في مجال اشتغاله : علم الاجتماع إذ لايبخل علينا بابتكارات لغوية طريفة ومثيرة ، كالسوسيولوجيا المداعبة ، الملامسة والشاخرة ، والمقاربة الإيروطيقية للجسم الإجتماعي واسطيطيقا اجتماعية للتلقّي وغيرعا من الاصطلاحات التي يروم من خلاها دعم مرافعته بدلائل إثبات من السجل الكبير للإبداع البشري . فتراه يمارس الانتقاء والاستلهام الحذق لدعم توجهه السوسيولوجي الذي لا يريده جديداً مُدّعياً ، بل متجدداً واصلاً بين ماهو دائم التجدد في قدمه وماهو دائم التقادم حتى في تجدده . إلا أنه في كل هذا يكرر نفسه شيئاً ما ، بشكل زائد ، منذ مايربو عن عقد من العطاء النظري في سوسيولوجيا اليومي . لكن هو ، نفسه ، يبرر ذلك في موضع آخر بقوله : لكل باحث مجدد ومذكر ببعض البداهات الأولى ((هاجس ملازم)) ،فكرة استحواذية يثبتها عن طريق التكرار والمعاودة والتعبير عنها بأشكال مختلفة . وتلك إستراتيجية ضرورية لزعزعة الثوابت التي طالما استبدت بالعقول وبتلك الأفكار التي يتمسك بها أصحابها ، لا لوثوقهم في صلاحيتها بل للثقة الزائدة بأنفسهم ...