الانتخاب الثقافي / أجنر فوج
الانتخاب الثقافي / أجنر فوج
المركز القومي للترجمة
يعرض المؤلف نظرية مغايرة وجديدة، تؤكد أن الثقافة يمكن أن تتطور في اتجاهات مختلفة تبعا لظروفها الحياتية أو المجتمعية، وتتميز بقدرتها على تفسير السلوك العفوي أو اللاعقلاني الذي تزخر به كافة المجتمعات. كما تركز على أهمية تجارب الانتخاب الصغرى وصراعات القوى والظواهر اللاعقلانية، ودورها في التطور الاجتماعي.
ووفقا لسيد نجم بصحيفة "البيان" الإماراتية يؤكد المؤلف أن التطويريين في القرن ال19 تحدثوا عن التميز بين الوراثة العضوية والاجتماعية، لأنهم لم يكونوا على علم بقوانين "مندل" في الوراثة، كما كان مبدأ البقاء للأصلح يعني عندهم أن التطور يعتمد على أقوى الأفراد، وبذا لم يميزوا بين التطور والتقدم.
بينما أساس الانتخاب الثقافي، يرجع إلى أن التطور الثقافي أسرع من التطور الوراثي الجيني نظرا لتوافر ما يسمى بـ "طاقة التكيف" أي القدرة على التكيف، وليست التكيف نفسه.. بالإضافة إلى أن الإنسان يتميز في مجال الثقافة بما يعرف ب "السلوك الجمعي"، نظرا للاستعداد الطبيعي عند الإنسان على التعاون والعمل الجمعي.. بل وتصنيف البشر الآخرين حسب جماعتهم، وهو ما يسمى بالعرقية أو الاثنية. ويتم التعبير عن هذا الانتماء عن طريق الوشم أو اللغة والطقوس والشعائر الدينية، وهذا الشعور نفسه، له دور أساسي في عملية الانتخاب الثقافي.
ويضرب المؤلف أمثلة موثقة تبرز الانتقال الثقافي عند الحيوان، ففي عام 1953م اكتشف الباحثون قردا يابانيا يغسل الرمل العالق بالبطاطا باستخدام الماء، ثم يأكلها. بعد أربع سنوات كانت 18%من جماعة كبار القردة تقلده، بينما 79%من شباب القردة تعلموا التقنية أيضا. وغيرها من الأمثلة. كما أن متابعة الطيور وبعض الحيوانات الأخرى كشفت عن أمثلة ايجابية للانتخاب الثقافي بالتقليد والمحاكاة والتعلم.
ويرى الكاتب أن فكرة النظرية موجودة منذ عام 1867م، إلا التطبيقات عليها كانت في دراسة ظواهر العالم الواقعي. مثال ذلك أن محاصيل جديدة تعطى غلة أفضل عن سابقتها، وهى (عنده) نتيجة مبتذلة، فلا ضرورة لصياغة نظرية محكمة لتفسير تلك الحقيقة الملاحظة من الجميع.. أو لتفسير ما هو واضح سلفا.
إن قوة الانتخاب الثقافي تتجلى بقوة في مجال السلوك اللاعقلاني، مثل الألعاب، الشعائر، الموسيقى، الأساطير، الحكايات، الموضة.. وكلها غير منتجة، وكلها أيضا تغيرت عبر التاريخ، ونادرا ما نعرف السبب، وهو بالضبط التحدي أمام نظرية الانتخاب الثقافي.
ويؤكد الكاتب بالعديد من الأمثلة على أهمية النتيجة التراكمية بعيدة المدى للكثير من أحداث الانتخاب الصغرى، وعلى صراعات القوى وأيضا ظواهر لا عقلية مثل الفن.