فى أواسط الثمائينيات قدم أستاذ إلى كلية بيرلبيك ليلقى محاضرة عن السميوطيقاء وقد كان شيِحًا متقدمًا فى السن وقصير القامة ولا يلفت النظر ويتكلم الفرنسية؛ وروى لنا قصة قصيرة عن قرد كان يريد الحصول على ثمرة واحتاج إلى عصا ليحصل عليها. وكان هذا الرجل هو اللتوانى آلجيرداس جوليان جريماس ممصاة:0 (ع:ان1 مدل:نعله الذى قدم لنا يومها فى لغة مبسطة المشروع السميوطيقى؛ وقد تحدث إلى الجمهور قائلاً: إن النظرية السميوطيقية ليست فرعا من فروع الفلسفة إنما مجرد تأمل عملى فى الخطاب؛ أئّ خطاب حتى ولو لم يكن جملة قولية؛ وهى فى عنايتها بالقيم والدلالة تحرص على الكشف عن الدلالة المتوارية تحت السطح فى محاولة للوصول إلى معنى الحياة نفسها. وقد استخدم مثال القرد وثمرة الموز لشرح مشروعه: المفاتيح التى نتمكن بواسطتها من فهم كيفية إنتاج الدلالة؛ وكان هذا أول_ لقاء لنا مع مؤسس الفرع الأوروبى للسميوطيقا. وفى السنوات التالية حظينا بلقاء العديد من السميوطيقيين الباريسيين وحضرنا العديد من اجتماعاتهم؛ وبذلك تمكنًا من أن نتابع عن كثب تطورات النظرية التى نحاول أن نعرض لأسسها فى هذا المجلد الصغير. وقد أصبح يشاركنا فى حماسنا للسميوطيقا عدد متزايد من الناس فى الأقطار المختلفة. وبالإمكان القول الآن إنّ السميوطيقا انتشرت فى كلّ مكان؛ ولم تعد مقصورة على البحوث الأدبية والمؤسسات الأكاديمية؛ إنّ البحوث فى مجال التسويق ووسائل الاتصال الجماهيرية والقانون؛ بل وتعبيرات الوجه والإشارات الخطابية أصبحت تستخدم السميوطيقاء وذلك لأنهم أصبحوا يعتقدون مثلنا أنّ السميوطيقا كأداة تحليلية أثبتت أنها عون لنا فى البحث عن تأثير الدلالة وتعرف الإجابات المحتملة؛ بل والتنبؤ بالاستجابة؛
