ضياع في سوهو / كولن ولسن
ضياع في سوهو / كولن ولسن
دار الآداب
يقدم لنا الكاتب الإنكليزي رواية بعنوان "ضياع في سوهو" الذي وضع فيها رأية بكل صراحة عن الناس الذين يمثلون أنهم يعيشون حريتهم، والتي هي زائفة لا يطلق عليها اسم حرية، تحكي هذه الرواية قصة هاري "كولن ويلسن" الذي يتساءل في عالمه الضبابي "من أنا؟"، "وماذا سأفعل؟"، و"لم جئت إلى الحياة؟"، ولم يلتقط عقله أجوبة منطقية والحياة العادية، وساعات العمل اليدوي، ووجوه الرفاق من العمال ترافق عينيه كل يوم، ولا جديد... هل ستمضي الحياة دون أن يتفجّر من داخلها شيء؟ وجه الأم ترتسم عليه علامات حيرة: ماذا عن ولدي؟ إنه يعيش منزوياً في غرفته يقرأ الكتب الفلسفية التي لا تفهمها، ويستمع إلى مقطوعات موسيقية كلاسيكية، ويذهب إلى عمله حيث يحفر الأرض ليزرع فيها أسلاك التليفونات الجديدة في بلدته.
واقتنع هاري "كولن ويلسون" بأن الحياة ستمضي دون جديد، وعليه أن يفتح فجوة حتى ولو كانت صغيرة في جدار سجنه الرتيب ويمرق منها كقطعة صغيرة، باحثاً عن شيء جديد بحياه بعمق وبلون وبحركة؛ وذات يوم قذف نفسه نحو بحيرة التكثف البشري، علّه يغوص هناك وينال شيئاً يحتضنه بإعتزاز قرب قلبه، فقد باتت له حياته الماضية كثيبة حالكة كقبر مهجور لن يدفن فيه أحد، وجلس وحيداً بملابسه العمالية في قطار صباحي كتب على مقدمته اسم لندن، المدينة العملاقة المخيفة التي تفترس ونشوّه وتخلق وتصنع بآن واحد.
وكانت تدور في عقله فكرة صغيرة: "أنا أحيا الحياة بلا ألوان الأيام، يوم واحد لا شيء ينصبّ فيها أو ينبع منها، أن تتحرك ولو حركة بسيطة إلى الخلف، أن تدير رأسك نحو مكان بعيد أو قريب، أن تتأمل شجرة منغرسة في شارع، أن تفكر في إضافة أشياء مبهمة لا تعرفها أنت، لأفضل من أن تظل ساكناً كحجر كبير يرتكز على قاعدته تمثال.