حروب القرن الواحد والعشرين / إينياسيو رامونيه
حروب القرن الواحد والعشرين / إينياسيو رامونيه
ترجمة : أنطوان أبوزيد
التنوير
يحاول إينياسو رامونيه (رئيس تحرير جريدة «الموند ديبلوماتيك») في كتابه «حروب القرن الحادي والعشرين» الصادر حديثا بترجمة عربية عن دار التنوير، أن يلقي الضوء على أبرز الخصائص الجيوسياسية التي بات العالم يتسم بها بعد أحداث سبتمبر2001. فهو يرى أكثر من غيره من المحللين أن ملامح جديدة ارتسمت بعد تلك الأحداث التي هزت الولايات المتحدة الأميركية. فقد بلغت هذه الدولة درجة من السيادة على العالم لم تبلغها أية أمبراطورية من قبل على الإطلاق. فهي الدولة العالمية الوحيدة بلا منازع والقوة الوحيدة المتفردة في قرارات الحرب والضغط وممارسة ما تراه يخدم مصالحها بالطريقة التي تناسبها مما أضعف مرجعية الأمم المتحدة وجعلها خاضعة بشكل شبه كامل إلى توجهات اميركا لهذا عنون المؤلف الفصل الأول من كتابه: وجه العالم الجديد. يرتكز رامونيه في تحليله على مستندات مختلفة عمّا يستند إليها الباحثون الآخرون. فإذ يضمّ صوته إلى معظم الذين تناولوا دراسة أسباب فائض القوة الأميركية وطريقة صرفها، يختلف عنهم في تقدير نوع الأخطار وكيفية تناولها ومعالجتها. لكن الولايات المتحدة على الرغم من هذه السلطة وهذه القوة العسكرية المتميزة بالتقنية الهائلة وهذه السطوة السياسية الجبَّارة التي تمتلكها، أثبتت عجزها في كل الحروب التي خاضتها وقصورها في السيطرة على الأرض وفي تثبيت هيمنتها حيثما ترغب. خطر على الديمقراطية يتناول إينياسيو رامونيه العولمة محاولاً الإمساك بالعناصر الرئيسية لآليات عملها وأساليبها وبالقوى المهيمنة فيها معتبراً أن الشركات العملاقة والمتخصصة في مختلف ميادين المعرفة والاعلام والمعلوماتية تتحكم في مصير البشر عبر الضغط على الحكام المنتخبين ديموقراطياً موظفة كل امكاناتها المادية والمعنوية من دون أن تتيح للمتضررين مجال الوقوف في وجهها. هذا الأمر يفرغ الديموقراطية من محتواها ويحوّل بالتالي هذه الشركات الى حكّام فعليين للشعوب. يرى رامونيه أن من شأن هذه الآلية التي تتبعها العولمة في إدارة الاقتصاد العالمي والتي تجعل الحكام والدول خدّاماً للشركات العملاقة وأسرى لمصالحها ورغباتها أن تفرغ الدولة من محتواها الأصلي وتؤدي إلى سيادة الفوضى والعنف. لا يكمن الخطر على الدولة ومؤسساتها في نظر رامونيه في الفعل الاقتصادي والمالي فحسب، فثمة أخطار أخرى تتمثل بالإرهاب الذي يعزز قوة المنظمات الطفيلية مثل المافيات وشبكات المنحرفين وعصابات المجرمين. كذلك، لا تقتصر الأضرار الناجمة عن العولمة على الدولة والاقتصاد إنما تشمل تزايد نسبة الفقر في العالم عارضاً هذه الظاهرة بالأرقام، فعلى سبيل المثال: 500 مليون ثري يعيشون بحبوحة على حساب 5 مليارات ونصف إنسان آخر شركاء لهم على الكوكب ذاته. أمّا الأخطار التي تسبّبها العولمة على المستوى البيئي فمن شأنها تهديد مصير البشرية جمعاء بفعل استغلال الشركات العملاقة غير المسؤول لموارد الطبيعة لإشباع نهمها للمال ممّا قد يؤثر على المناخ ويؤدي إلى انتشار الأمراض. دول القزمة