يتم النص .. الجينالوجيا الضائعة / أحمد يوسف
يتم النص .. الجينالوجيا الضائعة / أحمد يوسف
منشورات الإختلاف
يشكل كتاب "يتم النص: الجينيالوجيا الضائعة" مقاربة فنية للمشهد الشعري في الجزائر تسعى للكشف عن مدى حضور الشعر القديم في المشهد الشعري الحديث. ولإن كل مشهد من الشعر الجزائري له ملامحه العامة وخصائصه النوعية، ويتفاوت من حيث التراكم والحضور الفعلي والنوعي في تاريخ الأدب الجزائري القديم والحديث. حاول المؤلف كما يقول: أن يخلق تلك المسافة التي تجعلنا نعيش حالة من التجاذب والتنابذ في إطار يتداخل فيه موضوع النص مع ذاتنا من منظور فينيومينولوجي أساسه التحليل الحفري للخطاب الذي لا يردد المقولات الفوكاوية الجاهزة، ولكنه يحاول أن يقترب من الجيوب المظلمة للمتن الشعري الذي يختزن حالات ملتوية من "التهجين النصي" و"التشويه التجنيسي" لمقولة الكتابة الشعرية..." لذلك كله يرى المؤلف "ضرورة انصهار البعد الفني مع البعد الجمالي" في "قراءتنا للتجارب الشعرية" وأن "نحتاط منهجياً في إصدار الأحكام القطعية التي تتنافى مع صرامة البحث العلمي الجاد الذي يتجاوز الأحكام الإنطباعية". ولكنه يعود وينبَه القارئ إلى أن هذه الإحتياطات المنهجية "لا ينبغي أن تتحول إلى "جبن" نقدي، وتردد في إبداء الرأي".
وبهدف تحقيق الغرض من الدراسة يضع المؤلف بين يدي الباحثين نصوصاً محققة تحقيقاً علمياً لعدد من المتون الشعرية لأدباء من الجزائر من الجيل القديم والحديث موضحاً موقفه من أعمال شعراء جيل اليتم المرتدين إلى ذواتهم معتبراً أن "يتم النص اتجاه شعري نحو المجهول، وتدمير للغة المعلوم، وتخريب لبنية المألوف. وفيه تعلق بجمالية التشاظي التي قوامها اللانظام واللا شكل، وانحياز معلن للغياب واللامعين".
يضم الكتاب أربعة أبواب تناول الأول منها: المشهد الشعري في الجزائر، بينما تناول الثاني: شعر اليتم وتيماته، وخصص الثالث لـ: السمات الدلالية لشعر اليتم، وبحث الرابع والأخير في: إشكالية التلقي وحدود التجريب.
تعترضنا إشكاليات عويصة في مقاربة النص الشعري الذي وسمناه بـ"المختلف" ونحب أن نتعجل-هنا-لرفع اللبس عما قد ينصرف إليه ذهن المتلقي وفق ما يتساوق مع أفق توقعه في ربط هذه الصفة بالمدرسة التفكيكية ربطاً آلياً سيصيب أفق القارئ-لا محالة-بخيبة التوقع، فصفة المختلف مجردة-هنا-من أي تبعية فلسفية مسبقة او انتماء فكري ضيقح على الرغم من أن هذه المقاربة لا تنفي استثمارها لجهاز مفاهيم هذه الفلسفة أو تلك استثماراً قوامه التركيب بغية الاستعانة بآلياتها الإجرائيةن وكذا قصد الارتقاء بفعل التأمل وإثراء أسلوب التحليل في أثناء التأويل. أما اليتم فهو التيمة المهيمنة في النص الشعرين بينما تصطنع هذه المقاربة الجينيالوجية اصطناعاً حفرياً لا تخفي مرجعيته الفوكاوية، ولا تقبل في الآن نفسه أن تكون أسيرة له أو لأي عبودية منهجية أخرى لا تستجيب لآلية التركيب التي نتوخاها ولطبيعة النص المقروء.